رمضان 2020

حسناً بعد غياب أستطيع أن أقول أنني اشتقت للكتابة هنا و أنني أحب عالم التدوين بكل ما فيه و ممتنة لمدونتي العزيزة .

يبدو العنوان غريباً بعد انقضاء رمضان و مدونات الخطط الرمضانية و أجواء رمضان عموماً إلا أنني أحببت الكتابة عن رمضان لا لتميزه و حدوث أحداث استثنائية فيه بل لبساطته و تميزه بذلك هذا العالم !

على عكس ما اعتدت عليه كل رمضان في الأعوام السابقة من عزائم و إفطارات و دعوات من هنا و هناك و نادي كنا قد أقمناه أنا و بنات جيراني لأطفال الحي بالمسجد . جاء رمضان هذا العام دون كل ذاك مع ما فرضه الحجر الصحي ، جاء بحلّة جديدة ليسألنا هل قيمة رمضان بأجوائه و مناسباته الإجتماعية أم بقيمته المجردة كما أراده الله؟

قدرة الإنسان على التكيّف تبهرني دائماً، صحيح أننا نختلف في سرعة تكيّفنا و طريقته إلا أننا قادرون على التكيف بالنهاية ، من الأمور التي تحدّاها هذا الرمضان صلاة التراويح في المسجد و ربما كان هذا أكثر ما افقتدته في رمضان ، فكرنا بعد مفاوضات مع أمي 😛 أن نحول جزء من غرفة الضيوف – عديمة الفائدة- إلى مصلى نقيم فيه الصلوات و التراويح تحديداً، أحسب أن هذه ذكرى جميلة أُضيفت لنا كعائلة و صار للغرفة شبه المهجورة قيمة حيّة في قلوبنا حتى الآن بعد انتهاء الشهر و عودتها لغرفة ضيوف عديمة الفائدة صار دخولي لها مختلفاُ بكونها المكان الذي احتضن صلاتنا و دعائنا طيلة الفترة السابقة . اعتدت أنا و أختي أن نزيّن البيت بداية كل رمضان ، نشتري ما نحتاج من المكتبة أو جاهزاً ، هذه المرّة لم تكن المكتبات متاحة و لا محلات بيع الزينة مما اضطرنا للتفكير بصنع زينة مما هو متوفر في البيت فكانت النتيجة زينة من الورق بسيطة و جميلة :)) …. أما بالنسبة لللولائم و العزائم فلم أفتقدها بل سعيدة بأنها لم تكن فكان رمضان أكثر هدوءً دون عزائم سريعة متعبة لأهل البيت تنقضي دون تواصل فعّال و أتسائل ماذا لو كانت كل الرمضانات القادمة هكذا

ما ميّز رمضاني هذا عن غيره… خطته ، فلم تكن خطة استثنائية ، على غير ما اعتدت سابقاً بأن أحدد أهدافاً كثيرة و ربما كانت غير واقعية أنجز جزء منها و آخر يبقى على الورق ، كان هذا الرمضان يسير بتلقائية انزعجت أياماً من الفكرة و سعدت بها أخرى ، فكانت أيامي فيه تمضي بين الدراسة الجامعية و الامتحانات و ورد القرآن و صلاة القيام و الدعاء و مشي حول المنزل قبل الإفطار…بهذه البساطة التي لم أكن لأقبل بها سابقاً…و في الخلفية نفسٌ أكثر حضوراً و تركيزاً بسبب إغلاق الفيسبوك طيلة أيام الشهر ، أستطيع أن ألحظ الفرق الآن بعد إعادة حسابي كيف كانت أيامي تسير ببطء أكثر و بشعور حقيقي و بتركيز أكثر من الآن ، لا أخفي فوائد السوشال ميديا على عدة نواحي لكن لا بأس بشهر من البعد عنها و بوعد خفي بيني و بين نفسي أن أصنع هذا في الرمضانات القادمة إن شاء الله :).

من الليالي التي تركت أثر عندي و درس لن أنساه ليلة السابع و العشرين من رمضان ، بعد خلاف عائلي صغير و ضغط دراسي ذهبت لغرفتي و كما أفعل عادة أغلق الباب… أبكي و أراجع الأمر لوحدي و ربما أتحدث عن الموضوع بعد مضي مدّة ، هذه المرة كنت أشعر أني بحاجة لمواساة ذهبت إلى أختي أخبرتها أني حزينة و أريدها أن تتحدث معي و تخفف عنّي و لُمتها على عدم مبادرتها لمواساتي كما أفعل معها ، أخبرتني أنني لم أعوّدها على ذلك فأظهر دائماً بمظهر الأخت الكبيرة القوية التي تبدي النصائح . تحدثنا حينها و خففت عنّي بلطفها و كنت لأول مرّة أشعر أن أختي التي تصغرني بستة أعوام كبرت بحق فأصبحت أتعلم منها و أحتاجها بجانبي كما تحتاجني ، من الجمل التي قالتها لي و التي كان وقعها ثقيل على نفسي ” تسنيم إنتِ بدك كل الناس يكونوا زيّك” ربما أدرك هذا الأمر أحياناً و متاعبه لكن سماعه منها و تحدثها معي عن الموضوع و سؤالي لها ” شو حتعملي لو إنك مكاني” و رؤيتي لها و هي تنصحني و تقترح علي حلول و أفكار جعلتني أتسائل لماذا نصر على أن نبدو أقوياء.. نبكي لوحدنا ثم نخرج بصلابة للعالم ، كم من الأشياء خسرتها إثر ذلك … أرى الآن أنه من القوة أن أبدي ضعفي ،أن أبكي براحتي و أمارس دور الصغيرة التي تحتاج العون و المساعدة مهما بدت عكس ذلك ، أوقن أن بداخل كل منا مهما بدا صلباً من الخارج قلباً رقيقاً بحاجة ليدٍ تربّت عليه حيناً ، علّني أكون هذه اليد لمن أحب و علّي أحظى بأيادي دافئة حولي :”)

من لطائف هذا الرمضان تحدي أيام رمضان الذي صنعته لأختي – يبدو أن هذه التدوينة ستكون برعاية رنيم p:- اتفقنا على أن يكون لكل يوم طيلة أيام رمضان مُهمة محددة و أن عليها تنفيذها قبل فجر اليوم التالي، وضعت المهام في مغلفات فكان المغلف يحتوي ورقة المُهمة و ورقة من ” حدّثني ربّي” -و هي بطاقات تفسير لآيات صنعتها الجميلة جهاد -و في بعض الأيام ورقة فيها اسم من أسماء الله الحسنى مع شرحه ، و اتفقنا بأنها إذا ما أتمت قراءة البطاقات و أداء المهمة سيكون عليها أن تختار رقماً لتُكافئ بهدية من كيس الهدايا و بحسب الرقم تأخذ الهدية المرقمة ، اللطيف أن الهدايا كانت منوعة أكثرها بسيط و قليل منها فخم ، كنت قد قررت في البداية أن تكون قيمة الهدية تتناسب مع صعوبة المهمة لكن تغير الأمر بعد أن اقترحت رنيم فكرة الأرقام و أعجبني أن تكون المكافئة على الجهد المبذول و السعي أياًّ كان ، ما أحببته بهذه التجربة حماس رنيم للفكرة ، شعورها بالإنجاز ، فرحها بإتمامها المهمة و أخذها الهدية و آمل أن يكون للمهات و الورقات أثر طيّب في نفسها :))

لمن يحب تطبيق الفكرة سواء في رمضان أو غيره:

ملف حدّثني ربي : الفكرة مصصمة للأطفال إلا أنها قد تناسب الأكبر باستثناء بعض البطاقات

أسماء الله الحسنى

أمثلة على بعض المهام

انقضى رمضان بلياليه الجميله و رحماته الواسعة ، انقضى بتفرده هذا العام ، انقضى كما ينقضي كل شيء ، انقضى كمحطة قصيرة مبهجة نأخذ منها زادنا لتعيننا على باقي الأيام ، تذكرنا أن الله حاضر في كل مكان و زمان و أن العبادات تكون في رمضان و غيره و أن الله يسمع دعواتنا في كل اللحظات ، فالحمدلله على ما كان و ما سيكون . 🙂

7 أفكار على ”رمضان 2020

  1. أعجبني تعبير غرفة الضيوف عديمة الفائدة
    اﻷفضل أن تُستغل كل الغرف والمساحات في المنزل، ويمكن لمكان استقبال الضيوف أن يكون لها تصميم وأثاث يُناسب استقبال الضيوف وفي نفس الوقت لاستخدام العائلة

    Liked by 2 people

  2. يا أهلاً و سهلاً بأحلى تدوينة قرأتها عن رمضان😍
    بالمناسبة .. و أنا ممتنة لمدوّنتك العزيزة التي تُعرّفني عليكِ أكثر🌸
    وصلني شعور الأخوات، و أحببت الكتابة عن
    رنيم هنا صراحة p: – ما أحلاها♥️-

    وكل ما فعلته في رمضانك جميل، و الأمر ليس بكثرة الأعمال إنما بتحسينها كما قيل،
    حوار ليلة السابع و العشرين بمفرده تحسّنًا
    على ما أعتقد😁

    أسأل الله أن يتقبّل منك رمضانك بكل ما فيه، و أن يزيدك من خيره في كل أمور حياتك❤️

    دمتِ من الأيادي اللطيفة التي أحب تربيتها عليّ :’)

    Liked by 2 people

  3. كل الشكر على التدوينة وكل ما فيها من خواطر ودروس واقتراحات، سعيدة بحديثك أكثر عن أختك وأفراد عائلتك 🙂
    تقبل الله منكِ وجعلكِ نعم الابنة والشقيقة والصديقة💕

    مما استوقفني:”هذه البساطة التي لم أكن لأقبل بها سابقاً”.

    ونحن نحبك تسنيم ونحب مدونتك الجميلة ونشتاق حروفك دومًا💛

    Liked by 1 person

اترك رداً على أبو إياس إلغاء الرد